سورة النور - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


قوله تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات} يعني: العفائف {الغافلات} عن الفواحش، {لعنوا في الدنيا} أي: عذبوا بالجلد، وفي الآخرة بالنار.
واختلف العلماء فيمن نزلت هذه الآية على أربعة أقوال.
أحدها: انها نزلت في عائشة خاصة. قال خصيف: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية، فقلت: من قذف محصنة لعنه الله؟ قال: لا، إنما أنزلت هذه الآية في عائشة خاصة.
والثاني: أنها في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قاله الضحاك.
والثالث: أنها في المهاجرات. قال أبو حمزة الثمالي: بلغنا أن المرأة كانت إذا خرجت إلى المدينة مهاجرة، قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا: إنما خرجت تفجر فنزلت هذه الآية.
والرابع: أنها عامة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن، وبه قال قتادة، وابن زيد.
فان قيل: لم اقتصر على ذكر المحصنات دون الرجال؟
فالجواب: أن من رمى مؤمنة فلا بد أن يرمي معها مؤمناً، فاستغني عن ذكر المؤمنين ومثله: {سرابيل تقيكم الحر} [النحل: 81] أراد والبرد، قاله الزجاج.
قوله تعالى: {يوم تشهد عليهم السنتهم} وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: يشهد بالياء، وهو إقرارها بما تكلموا به من الفرية. قال ابو سليمان الدمشقي: وهؤلاء غير الذين يختم على أفواههم، وقال ابن جرير: المعنى: ان ألسنة بعضهم تشهد على بعض.
قوله تعالى: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} أي: حسابهم العدل، وقيل: جزاءهم الواجب. وقرأ مجاهد، وأبو الجوزاء، وحميد بن قيس، والأعمش: دينهم الحقُ برفع القاف {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} قال ابن عباس: وذلك ان عبد الله بن ابي، كان يشك في الدين، فإذا كانت القيامة علم حيث لا ينفعه.


قوله تعالى: {الخبيثات للخبيثين} فيه أربعة أقوال.
أحدها: الكلمات الخبيثات لا يتكلم بها إلا الخبيث من الرجال والنساء، والكلمات الطيبات لا يتكلم بها إلا الطيبون من الرجال والنساء.
والثاني: الكلمات الخبيثات إنما تلصق بالخبيثين من الرجال والنساء، فأما الطيبات والطيبون فلا يصلح أن يقال في حقهم إلا الطيبات.
والثالث: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والطيبات من النساء للطيبين من الرجال.
والرابع: الخبيثات من الأعمال للخبيثين من الناس، والخبيثون من الناس للخبيثات من الأعمال، وكذلك الطيبات. وقوله تعالى: {أولئك} يعني: عائشة وصفوان {مبرؤون} أي: منزهون {مما يقولون} من الفرية {لهم مغفرة} لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة.


قوله تعالى: {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم} ذكر أهل التفسير أن سبب نزولها أن امرأة من الانصار جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني اكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد، فلا يزال يدخل علي رجل من أهلي، فنزلت هذه الآية. فقال ابو بكر بعد نزولها: يا رسول الله، أفرأيت الخانات والمساكن التي ليس فيها ساكن، فنزل قوله: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة} الآية. ومعنى قوله: {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم} أي: بيوتاً ليست لكم. واختلف القراء في باء البيوت، فقرأ بعضهم بضمها وبعضهم بكسرها، وقد بينا ذلك في [البقرة: 189].
قوله تعالى: {حتى تستأنسوا} قال الفراء: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: حتى تسلموا وتستأنسوا. قال الزجاج: {وتستأنسوا} في اللغة بمعنى: تستأذنوا وكذلك هو في التفسير، والاستئذان: الاستعلام، تقول: آذنته بكذا، أي: أعلمته، وآنست منه كذا، أي: علمت منه، ومثله: {فان آنستم منهم رشداً} [النساء: 6] أي: علمتم. فمعنى الآية: حتى تستعلموا، يريد أهلها ان تدخلوا ام لا. قال المفسرون: وصفة الاستعلام أن تقول: السلام عليكم، أأدخل؟ ولا يجوز أن تدخل بيت غيرك إلا بالاستئذان لهذه الآية، {ذلكم خير لكم} من أن تدخلوا بغير إذن {لعلكم تذكرون} أن الاستئذان خير فتأخذون به، قال عطاء: قلت لابن عباس: أستأذن على أمي وأختي ونحن في بيت واحد؟ قال: أيسرُّكَ أن ترى منهن عورة، قلت: لا قال: فاستأذن.
قوله تعالى: {فان لم تجدوا فيها احداً} أي: إن وجدتموها خالية، {فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} أي: إن ردوكم فلا تقفوا على أبوابهم وتلازموها، {هو أزكى لكم} يعني: الرجوع خير لكم وأفضل {والله بما تعملون} من الدخول باذن وغير إذن {عليم}.
فصل:
وهل هذه الآية منسوخة أم لا؟ فيها قولان:
أحدهما: أن حكمها عام في جميع البيوت، ثم نسخت منها البيوت التي ليس لها أهل يستأذنون بقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة} هذا مروي عن الحسن، وعكرمة.
والثاني: أن الآيتين محكمتان، فالاستئذان شرط في الأولى إذا كان للدار أهل، والثانية وردت في بيوت لا ساكن لها، والإذن لا يتصور من غير آذن، فاذا بطل الاستئذان لم تكن البيوت الخالية داخلة في الأولى، وهذا أصح.
قوله تعالى: {أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة} فيها خمسة اقوال.
أحدها: أنها الخانات والبيوت المبنية للسابلة ليأووا إليها، ويؤووا أمتعتهم، قاله قتادة.
والثاني: أنها البيوت الخربة، والمتاع: قضاء الحاجة فيها من الغائط والبول، قاله عطاء.
والثالث: أنها بيوت مكة، قاله محمد بن الحنفية.
والرابع: حوانيت التجار التي بالأسواق، قاله ابن زيد.
والخامس: أنها جميع البيوت التي لا ساكن لها، لأن الاستئذان إنما جعل لأجل الساكن، قاله ابن جريج.
فيخرّج في معنى {المتاع} ثلاثة أقوال.
أحدهما: الأمتعة التي تباع وتشترى.
والثاني: إلقاء الأذى من الغائط والبول.
والثالث: الانتفاع بالبيوت لاتقاء الحر والبرد.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8